الخميس، ٣٠ ديسمبر ٢٠١٠

سيرة الأنبا كاراس السائح

من هو الأنبا كاراس؟
عاش الأنبا كاراس في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، وهو شقيق الملك ثيئودوسيوس الكبير ..

من هو كاتب سيرة النبا كاراس؟
كاتب سيرة القديس الأنبا كاراس السائح هو الأنبا بموا كاهن وخادم مذبح كنيسة الأنبا مقاريوس بجبل شيهيت وهو الذي كفن جسد القديسة الطوباوية ايلارية ابنه الملك زينون.. وهو غير القديس بموا معلم الانبا بيشوي والانبا يوحنا القصير ..

سيرة القديس
الأنبا كاراس السائح
تذكار نياحته 8 أبيب


عن مخطوط
بدير العذراء (براموس)

الأنبا كاراس السائح
يقول لنا أنبا بموا أعلمكم يا أخوتي بما جري في يوم من الأيام سمعت صوتاً يقول لي ثلاث مرات يا بموا يا بموا يا بموا ، وهنا لفت انتباهي إن هذا الصوت صوت من السماء وغير مألوف لدي إذ لم يناديني أحد باسمي كثيراً فرفعت عيني إلى السماء وقلت: تكلم يا رب فأن عبدك سامع.

فقال لي الصوت قم يا بموا وأسرع عاجلاً إلي البرية الجوانية حيث تلتقي بالأنبا كاراس فتأخذ بركته لأنه مكرم عندي جداً أكثر من كل أحد لأنه كثيراً ما تعب من أجلي "وسلامي يكون معك".


فخرجت من كنيستي وسرت في البرية وحدي في فرح عظيم  وأنا لست أعلم الطريق. وانا في يقين ثابت أن الرب الذي أمرني سوف يرشدني ... 


لقاء الأنبا بموا بالأنبا سمعان القلاع :
ومضى ثلاثة أيام وأنا أسير في الطريق وحدي وفي اليوم الرابع وصلت لإحدى المغارات،  وكان الباب مغلقاً بحجر كبير فتقدمت  إلي الباب طرقته كعادة الأخوة الرهبان وقلت آغابي (أي محبة) بارك علي يا أبي القديس . 
وللوقت سمعت صوتاً يقول لي جيد أن تكون هنا اليوم يا بموا كاهن كنيسة جبل شهيت الذي أستحق أن يكفن القديسة الطوباوية إيلارية إبنة الملك زينون.


 ثم فتح لي الباب ودخلت وقبلني وقبلته ثم جلسنا نتحدث بعظائم الله ومجده فقلت له يا أبي هل يوجد في هذا الجبل قديس آخر يشبهك فتطلع إلي وجهي وأخذ يتنهد ثم قال لي يا أبي الحبيب يوجد في البرية الجوانية قديس عظيم العالم لا يستحق وطأة واحدة من قدميه وهو الأنبا كاراس .


وهنا وقفت ثم قلت له " اذن يا أبي من أنت" فقال لي أنا اسمي سمعان القلاع وأنا لي اليوم ستون سنة لم أنظر في وجه إنسان و أتقوت في كل يوم سبت بخبزة واحدة أجدها موضوعه على هذا الحجر والذي تراه خارج المغارة .


لقاء الأنبا بموا بالأنبا أبامود القلاع : 
وبعد أن تباركت منه سرت في البرية ثانياً ثلاثة أيام بين الصلاة والتسبيح حتى وصلت إلى مغارة أخرى كان بابها مغلقاً فقرعت الباب وقلت " بارك على يا أبي القديس " فأجابني: حسناً قدومك إلينا يا قديس الله أنبا بموا الذي أستحق أن يكفن جسد القديسة إيلارية إبنة الملك زينون ادخل بسلام فدخلت ثم جلسنا نتكلم وقلت له إنه في هذه البرية قديس آخر يشبهك فإذا به يقف ويتنهد قائلاً لي الويل لي أعرفك يا أبي أن داخل هذه البرية قديس عظيم صلواته تبطل الغضب الذي يأتي من السماء هذا الذي هو حقاً شريك للملائكة فقلت له وما هو  أسمك يا أبي القديس فقال لي أسمي أبامود القلاع ولي في البرية تسعة وتسعون سنة وأعيش على هذا النخيل الذي يطرح لي التمر وأشكر المسيح 


لقاء الأنبا بموا بالأنبا كاراس السائح
 وبعد أن باركني خرجت من عنده بفرح وسلام وسرت قليلاً وإذ بي أجد نفسي لا أستطيع أن أنظر الطريق ولا أستطيع أن أسير وبعد مضي بعض الوقت فتحت عيني فوجدت نفسي أسير أمام مغارة في صخر في جبل فتقدمت ناحية الباب وقرعته وقلت " آغابي" وللوقت تكلم معي صوت من الداخل قائلاً حسناً إنك اليوم يا أنبا بموا قديس الله الذي أستحق أن يكفن جسد القديسة إيلارية إبنة الملك زينون.


فدخلت المغارة وأخذت أنظر إليه لمدة طويلة لأنه كان ذا هيبة ووقار، فكان إنسان منير جداً ونعمة الله في وجهه وعيناه مضيئتان جداً وهو متوسط القامة و ذو لحية طويلة لم يتبق فيها إلا شعيرات سوداء قليلة ويرتدي جلباباً بسيطاً وهو نحيف الجسم و ذو صوت خفيف وفي يده عكاز .


ثم قال لي: لقد أتيت اليوم وأحضرت معك الموت لأن لي اليوم زمن طويل في انتظارك آيها الحبيب .
ثم قلت له: ما هو أسمك يا أبي القديس ؟ 
فقال لي: أسمي كاراس .
وقلت له: وكم من السنين لك في هذه البرية ؟.
قال: منذ سبع وخمسين سنة لم أنظر في وجه إنسان وكنت أنتظرك بكل فرح واشتياق .
ثم مكثت عنده يوماً وفي نهاية  اليوم مرض قديسنا الأنبا كاراس بحمى شديدة وكان يتنهد ويبكي ويقول:  الذي كنت أخاف منه عمري كله جاءني فيا رب إلى أين أهرب من وجهك كيف أختفي حقاً ما أرهب تلك الساعة كرحمتك يا رب وليس كخطاياي.


 ولما أشرقت شمس اليوم الثاني كان الأنبا كاراس راقداً لا يستطيع الحراك وإذ بنور عظيم يفوق نور الشمس يضئ على باب المغارة ثم دخل إنسان منير جداً يلبس ملابس بيضاء ناصعة كالشمس. وفي يده اليمنى صليب مضيء. وكنت في ذلك الحين جالساً عند قدمي القديس كاراس.


وقد تملكني الخوف والدهشة و أما هذا الإنسان النوراني فقد تقدم نحو الأنبا كاراس ووضع الصليب على وجهه ثم تكلم معه كلاماً كثيراً وأعطاه  السلام وخرج.
فتقدمت إلى أبينا القديس الأنبا كاراس لأستفسر عن هذا الإنسان الذي له كل هذا المجد فقال لي بكل ابتهاج هذا هو السيد المسيح وهذه هي عادته معي كل يوم يأتي إلي ليباركني ويتحدث معي ثم ينصرف.
فقلت له يا أبي القديس إني أشتهي أن يباركني رب المجد فقال لي إنك قبل أن تخرج من هذا المكان سوف ترى الرب يسوع في مجده ويباركك ويتكلم معك أيضاً ، ولما بلغنا اليوم السابع من شهر أبيب وجدت الأنبا كاراس قد رفع عينه إلى السماء وهي تنغمر بالدموع ويتنهد بشدة ثم قال لي أن عموداً عظيماً قد سقط في صعيد مصر وخسرت الأرض قديساً لا يستحق العالم كله أن يكون موطئاً لقدميه. أنه القديس الأنبا شنوده رئيس المتوحدين وقد رأيت روحه صاعدة إلى علو السماء وسط ترتيل الملائكة وأسمع بكاءاً وعويلاً على أرض صعيد مصر كلها وقد اجتمع الرهبان حول جسد القديس المقدس يتباركون منه وهو يشع نوراً . ولما سمعت هذا احتفظت بتاريخ نياحة الأنبا شنودة في السابع من أبيب.


وفي اليوم التالي أي الثامن من أبيب أشتد المرض علي أبينا القديس الأنبا كاراس وفي منتصف هذا اليوم ظهر نور شديد يملأ المغارة ودخل إلينا مخلص العالم وأمامه رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال ولفيف من الملائكة ذو الستة أجنحة وأصوات التسابيح هنا وهناك مع رائحة البخور.


وكنت جالساً عند قدمي الأنبا كاراس فتقدم السيد المسيح له المجد وجلس عند رأس القديس الأنبا كاراس الذي أمسك بيد مخلصنا اليمنى وقال له من أجلي ياربي والهي بارك عليه لأنه قد أتى إلي من كورة بعيدة لأجل هذا اليوم فنظر رب المجد إلي وقال سلامي يكون معك يا بموا الذي رأيته وسمعته تقوله وتكتبه لأجل الانتفاع به.
أما أنت يا حبيبي كاراس فكل إنسان يعرف سيرتك ويذكر أسمك على الأرض فيكون معه سلامي وأحسبه مع مجمع الشهداء والقديسين وكل إنسان يقدم خمراً أو قرباناً أو بخوراً أو زيتاً أو شمعاً تذكار لأسمك أنا أعوضه أضعافاً في ملكوت السموات وكل من يُشبع جائعاً أو يُسقي عطشاناً أو يكسي عرياناً أو يأوي غريباً بأسمك أنا أعوضه أضعافاً في ملكوتي ومن يكتب سيرتك المقدسة أكتب أسمه في سفر الحياة وكل من يعمل رحمة في يوم تذكارك أعطيه ما لم تراه عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر و الآن يا حبيبي كاراس أريدك أن تسألني طلبة أصنعها لك قبل انتقالك.


فقال له الأنبا كاراس يا أبي لقد كنت أتلو المزامير ليلاً ونهاراً وتمنيت أن أنظر داوود النبي وأنا في الجسد وفي لمح البصر جاء داوود وهو يسمك بيده قيثارته وينشد مزموره هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج به.
فقال الأنبا كاراس أنني أريد أن أسمع العشرة في دفعة واحدة والألحان والنغمات معاً فحرك داوود قيثارته وقال كريم أمام الرب موت أحباؤه وبينما داوود يترنم بالمزامير وقيثارته وصوته الجميل وبينما القديس في ابتهاج عظيم إذا بنفس القديس تخرج من جسده المقدس إلى حضن مخلصنا الصالح  الذي أخذها وقدمها وأعطاها لميخائيل رئيس الملائكة ثم ذهبت أنا بموا وقبلت جسد القديس كاراس . وكفنته فأشار لي رب المجد بالخروج من المغارة فخرجت ثم خرج هو مع الملائكة بترتيل و تسابيح أمام نفس القديس وتركنا الجسد في المغارة و وضع رب المجد يده عليها فسارت كأن ليس بها باب قط يفتح وصعد الكل إلى السماء بفرح.


وبقيت أنا وحدي واقفاً في هذا الموضع حتى غاب عني هذا المنظر الجميل ثم أغلقت عيني من شدة النور والمنظر الجميل وعندما فتحت عيني وجدت نفسي أمام مغارة الأنبا أبامود القلاع فأقمت عنده ثلاثة أيام ثم تركته وذهبت إلى الأنبا سمعان القلاع ومكثت معه ثلاثة أيام آخرى ثم تركته ورجعت إلى جبل شهيت حيث كنيستي وهناك قابلت الأخوة كلهم وقلت لهم سيرة القديس الطوباوي الأنبا كاراس السائح العظيم وكلام قديسنا عن نياحة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وبعد خمسة أيام جاءت إلينا رسالة من صعيد مصر تقول أن القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين تنيح بسلام في نفس اليوم الذي رآه الأنبا كاراس.


بركة السيدة العذراء أم النور والقديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا كاراس السائح تكون معنا ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.